Sunday 8 June 2014

المساس بالإمن القومي!

المساس بالإمن القومي!

هنالك كلمات كبيرة لا يُعرف لها العامة معنىً واحداً وواضحاً. أما الخاصة وبالذات الحكومات الديكتاتورية فإن فلاسفتها كل يفسرها حسب هواه وحسب مصلحته الخاصة أو الحزبية أو التنظيمية. كما أن الحكومة تصر على الجمع بين الأختين. الخطوط الحمراء والأمن القومي. حتى الآن قليلون يعرفون الفرق بين الأمن القومي والأمن العام. وأكثرية لا تعرف ماهي الخطوط الحمراء ولماذا الرابط بينها وبين الأمن القومي؟

الفساد من الجرائم التي يمكن أن يرتكبها شخص بمفرده أو مجموعة متجانسة كعصابة مفسدة تستفيد من التسيب في الدولة والخوف من البطش ممن يحاولون كشف الفساد. لا نعتقد أن للفساد علاقة بالخطوط الحمراء للدولة. ولا علاقة له بالأمن القومي أيضاً. ما علاقة شخص إختلس مبلغاً ضخماً من مال الدولة وحوّله لمصلحته الشخصية بقضية الأمن القومي؟ هذه قضية لها علاقة واضحة وبيِّنة بالأمن الاقتصادي المسؤول عن تسيير اقتصاد الدولة في الخط السليم ومراقبة وملاحقة من يسعون في خراب الاقتصاد بالطرق المعروفة.

ولتقريب الموضوع لذهن القارئ الكريم نضرب مثلاً بقضية موظفي مكتب والي ولاية الخرطوم. مجموعة تعاهدت بينها أن يستخدموا كل الممكن تحت يدهم للتربُّح والكسب غير المشروع من وظائفهم التي هم مؤتمنون فيها. تعدُّوا  قوانين العمل الذي يقومون به. وقاموا بالتزوير الظاهر والفاضح وحصلوا على اموال تخص الدولة وحولوها لمصلحتهم الخاصة. هذا يدخل تحت بند السرقة الصراح ولا علاقة له بأمن قومي ولا خطوط حمراء. يُرمى الجناة أو المشتبه فيهم في السجن وتتم التحريات العدلية و الشرطية وكل يأخذ جزاه على قدر جرمه وهو متروك لتقدير القاضي المسؤول.

موظف دولة يتقاضى مرتباً معروف لكل المسؤولين حاز على قطع أراضي بجملة تتعدى مرتبه مئات المرات.. كيف حدث ذلك؟ لا يمكن أن يحدث إلا بجريمة مهندسة ومعروفة لا تحتاج لجراح مخ ليعرفها. من أين لهذا الموظف بكل هذه الأموال ليشتري ويمتلك تلك القطع من الأراضي؟ وقد سبقه العشرات للوظيفة التي يحتلها ولم يمتلكوا مثل ما امتلك! أليس هو التربُّح من الوظيفة التي ينهي عنه القانون؟

من هذين المثالين وقد تناولتها الصحف السيارة في الخرطوم، صدر قرار قضائي أو نيابي لا اعرف؛ بعدم تناولهما في الصحف حتى لا يتأثر سير العدالة في القضيتين. ومن حديث وزير الدولة بالإعلام أن هذه القضايا تمثل خطوط حمراء وتمس الأمن القومي!! ما هي العلاقة بين الخطوط الحمراء وهاتين القضيتين وما شابههما من قضايا فساد شخصية إرتكبها موظفون عاديون في الدولة مهما كانت دراجتهم الوظيفية؟ وما هو ومن أين يأتي المساس بالأمن القومي للسودان من جرّاء تناول الوسائط الإعلامية لهاتين القضيتين وأمثالهما؟ إنهم أفراد إرتكبوا ممارسات لا يجيزها القانون ويعاقب مرتكبها. فلماذا ربط مثل هذه القضية بالأمن القومي اللهمم إلا لحماية المفسدين لأشياء في نفس يعقوب الذي هو الحكومة.. أو الخوف أن يطال راس الصوت رؤوساً كبيرة يُخشى عليها.

الحديث عن الفساد وكشفه يعتبر مساس بالأمن القومي وتعدي للخطوط الحمراء فماذا يعتبر الفساد نفسه؟ اليس هو اكثر من تعدي على الخطوط الحمراء والإضرار بالأمن القومي والأمن الاقتصادي؟ من هو أحق بالحماية المفسد الذي يأكل أموال الناس والدولة بالباطل أم الصحفي الساعي إلى الخير ودال عليه يكشف موطن الفساد والمفسدين لينالوا جزاءهم؟ فعلاً كما قال الشاعر: في السودان كل أمرئ يحتل غير مكانه فالمال عند بخيله واالسيف عند جبانه. وإذا سارت الأمور في الدولة بهذه الطريقة فإن كبار المجرمين سيفلتون من العقاب الذي يستحقون وفقط نعاقب من لا ظهر له وعندها ستكون الطامة الكبرى كما ورد في الحديث الشريف. (إذا سرق فيهم الشريف تركوه .. ألخ). ألم يسمع ولاة الأمور قول المصطفى صلاة الله وسلامه عليه: (والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها).
(العوج راي والعديل راي)

كباشي النور الصافي
قناتي في اليوتيوب

No comments:

Post a Comment