Thursday 5 June 2014

الصواب والعدل في المنشور رقم 3/2014

الصواب والعدل في المنشور رقم 3/2014

ليس لي باع يقارن بخبرة أخي واستاذي سعيد أبو كمبال في مجال الاقتصاد والمال. لكن ما قرأته له عن موضوع منشور بنك السودان المركزي فيه كثير من التجني على البنك المركزي. في البداية إعتبر أبو كمبال أن شراء العربات الصوالين التي كان معظم تمويل قطاع النقل كما أسماه يذهب إليها وليس للواري أو عربات نصف نقل كالدفارات الصغيرة والمتوسطة الحجم. كان جل التمويل منصب على تمويل العربات الصالون والبكاسي والتي أصبحت وسيلة ركوب خاصة وتستخدم كوسيلة نقل في القليل النادر لغلاء أجرها.

كنت أتوقع من الأستاذ أبي كمبال أن يتحدث عن النسبة المخصصة للزراعة في السودان وهي لم تتعد ال16% في أحسن حالاتها. وبعملية حسابية بسيطة نجد أن نسبة تمويل قطاعات الزراعة والصناعة والنقل والتخزين والتشييد مجتمعة تعادل 53%. مما يعني أن باقي التمويل البنكي وهو 47% يذهب للمضاربة التجارية التي لا فائدة لها ولا تقدم الاقتصاد قيد أنمله.

رغم كل الخبراء والمستشارين كما قال ابو كمبال فإن حال الاقتصاد السوداني لن ينصلح مالم تذهب نسبة 50% من نسبة التمويل الكلي للبنوك إلى القطاع الزراعي بأشكاله الثلاثة: المروي والمطري والحيواني. ماعدا ذلك فسنظل في المربع الأول والبكاء على اللبن المسكوب دون فائدة. فلو أضيفت نسبة 24% من ال47% هذه للقطاع الزراعي لتغيّر حال الزراعة ولساهمت مساهمة فاعلة في تقدم الاقتصاد ومدّته بعافية يحتاجها اليوم قبل الغد.

كنت أرى أن يدافع أستاذي سعيد أبو كمبال عن السكن الشعبي والاقتصادي وليس عن بناء العمارات والفلل. فساكني العمارات والفيلل في السودان لا يمثلون شريحة كبيرة. كما أن نسبة كبيرة منهم تفشل في مواصلة السداد مما يعرضهم لنزع الشقة من صاحبها لأن القانون في السودان لا يرحم الضعفاء. كذلك تمويل العربات للركوب أصابته إنتكاسة كبيرة حيث ركب كثيرون عربات فارهة فشلوا في تسديد أقساطها فيما بعد مما جعلها عرضة للنزع منهم وضياع ما دفعوه من أقساط.

لا نقول أن قطاعي النقل والتشييد ليس بقطاعي استثمار أو إنتاج ولكن يجب فرز الكيمان عند التحدث عن تمويل قطاع النقل. لا يمكن إعتبار عربة برادو قطاع إنتاج أو فيلا في قاردن سيتي قطاع استثمار ونترك تمويل اللواري والشاحنات التي هي أس التمويل الإنتاجي خاصة عندما تربطه بقطاع الزراعة بكل أفرعه. أما تمويل العماير أو الفيلات فلا علاقة له بالتمويل الإنتاجي والإستثماري إلا لصاحبه. فتمويل فيلا واحدة أو عمارة واحدة يمكنه تمويل بناء 100 بيت شعبي في السكن الشعبي المكوّن من غرفتين مخلوفتين ومعهما المنافع.

نعتبر أن البنك المركزي أعتبر الحكاية نسبية وليست مطلقة. فاللوري يعتبر تمويل إنتاجي مقارنة بتمويل برادو أو نوبيرا. وتمويل السكن الشعبي يعتبر إنتاجي مقارنة ببناء عمارة لا يطال السكن فيها إلا شريحة صغيرة مقارنة بما يمكنهم السكن في مناطق السكن الشعبي. نتفق مع الأستاذ أبو كمبال في ما أورد: ( وتوجيه الأموال للإستثمار والإنتاج فى جميع القطاعات) أه. ولكن بنسب  تحقق مقولة توزيع الثروة بالعدل والقسطاط. فلا يعقل تمويل سيارة برادو بمبلغ يصل المليون جنيه، ويُرفض تمويل مزارع ب100 ألف جنيه لصيانة آلياته الزراعية وشراء الوقود اللازم للزراعة. فتمويل شراء برادو لتركبها أسرة مكوّنة من 4-5 أفراد يعاد تمويل 10  مزارعين بمجموع أسر لا تقل عن 60 فرداً ، هذا غير العمالة الدائمة والموسمية التي تعمل في المشروع الزراعي وتصرف على نفسها من عمل يدها.

أما تمويل شراء شقة في عمارة من عماير الضمان الإجتماعي فإنه يعادل تمويل شراء 10 لواري أوستن أو سفنجة كلها تعمل في مجال النقل والترحيل سواء في المحاصيل والفواكه والأغنام. وتكون هنالك 10 أسرة تتعيّش من هذه اللواري وهي مالكة اللواري. ومعها 20 أُسر أخرى هي أُسر السواقين والمساعدين كلها يتحقق لها دخل من تمويل شراء هذه اللواري. مما يعني أن تمويل شقة سكنية واحدة ساهم في إعاشة ما لا يقل عن ال100 نسمة من دخل اللواري. فهل تساهم الشقة الواحدة في إعاشة أكتر من شغالة أجنبية وساكني الشقة الذين لا يتجاوز عددهم ال4 نسمات.

بالتجربة نقول أن السيد محافظ بنك السودان المركزي قد حالفه التوفيق في إصدار هذا المنشور ولكي يتم الخياطة بالحرير عليهم رفع نسبة التمويل الزراعي إلى 40% من جملة تمويل البنوك وكذلك رفع نسبة التمويل الأصغر من 12% إلى 20% من نسبة تمويل البنوك. وأن يعملوا جاهدين في البنك المركزي على منع تمويل  المضاربة للإستيراد خاصة للسلع الهامشية التي لا يستفيد منها القليل من المواطنين المعنيين بالتمويل. (العوج راي والعديل راي)

 

كباشي النور الصافي

قناتي في اليوتيوب

http://www.youtube.com/user/KabbashiSudan



No comments:

Post a Comment