Friday 6 June 2014

نصر الدين ومبارك

نصر الدين ومبارك

الحديث عن هذين السيدين ذو شجون. يتفقان في عداء الإمام الصادق ولا يتفقان على الحد الأدنى من التقارب بينهما. فعندما حلّ نصر الدين ضيفاً على الجبهة الثورية ممثلاً لحزب الأمة القومي بصفة نائب رئيس لحزب الأمة ونائب رئيس الجبهة الثورية، إنفرد مبارك بكوم معارضة لا نعرف كُنهه. يُحمد لنصر الدين أنه لم يتداخل مع الإنقاذ ولم يشرب من كأسها المسموم. ولهذا يمكننا القول أنه صامد في معارضة النظام غض النظر عن أين يقف في صف المعارضة. أما مبارك فقد بدأ معارضاً شرساً يمكننا أن نعتبرها معارضة (أوبك) أي مضروبة بلغة ناس السوق.

بسبب قيادة مبارك للمعارضة في تسعينيات القرن الماضي ترك كثيرون من صناديد الأنصار المعارضة ليس خوفاً من الحكومة ولكن خوفاً من مبارك الذي ربما ينقلب عليهم يوماً ما. وما فعله في بعض المعارضين من الأنصار وحزب الأمة في مصر في ذلك الزمن معروف للجميع. ولم يخب حدس الأنصار وحزب الأمة فسرعان ما اندغم مبارك مع الإنقاذ حين واتته الفرصة بما هو معروف للجميع. لكن جهابذة المؤتمر الوطني تغدو به قبل أن يُفكِّر في أن يتعشى بهم. لفظوه عندما عرفوا طموحاته التي تفوق إمكاناته مما جميعه. وتمّ الذين انشقوا معه الخياطة بالحرير عندما رفضوا أن يتبعوه إلى خارج الحكومة عندما لُفِظ منها.

تكونت أحزاب الأمة (القيادة الجماعية – الفيدرالي – الوطني – الإصلاح والتنمية) بافتراع من حزب الأمة الإصلاح والتجديد الذي إفترعه مبارك من حزب الأمة القومي. هل ترون في هذا الإستفراع أي نوع من العمل السياسي المؤسس؟ لا أظن ذلك. إنّه صراع مصالح ذاتية لا علاقة لها بالوطن أو جماهير الحزب. خرج مبارك من الحكومة مطروداً ولكنه فشل في أن يجمع شتات الأحزاب التي أُفترعت من حزبه المفترع. يعني المفترع من المفترع مفترعا وغير مندغم!! فاهمين حاجة.

أهلنا يقولون الريسة قدح وسباتة. فهل ينطبق هذا القول على مبارك ونصر الدين؟ لا يعني القدح فاخر الطعام فالمثل يقول: (بليلة مباشر ولا ضبيحة مكاشر). والمقصود ليس الطعام في حد ذاته. فالعرب قالت: (قابلني ولا تعشيني). فأكل البطن غير وارد وهذه تورية لمن يفهمون في الأمر بِرُمتِه. الفرق بين التؤأمين مبارك ونصر الدين من جهة والإمام من جهة هو أن الإمام مبذول للجميع لمن يريد مقابلته حتى ولو كان مصطفى عثمان إسماعيل .. حلوة دي مش؟

مبارك يتعالى على الناس بدون مبرر واضح وهو يعلم علم اليقين أنه بدون هؤلاء الغر الميامين الغُبش من الأنصار لا قيمة له في حياة السودان السياسية. ومع ذلك تجده في وادِ  والأنصار في واد آخر. أما حبيبنا نصر الدين فهو كمن راح له الدرب في الموية. فمن زعامة الإمام الصادق إلى زعامة مالك عقار. والعرب قالت: ( الببدلك بالفول .. بدِّلا بقشرتا، والبجعلك حمار .. أجعلا بعرتا). فماذا تتوقعون من الإمام الصادق أن يفعل مع مبارك ونصر الدين غير تطبيق هذا المثل عليهما وهو العالم بكل أمثال وطرف العرب العاربة. لا ألوم مبارك فبينه وبيننا جسر طويل من الصعب عبوره أو الإلتقاء في نصفه. فهو لا يقبل ال Compromise  ويعمل بنظرية (غرّا يا تشربي يا أكسر قرنك). وهذه أصبح من المستحيل تطبيقها على جيل الأنصار الذي شبّ في جو غير جو ستينيات القرن الماضي. ولكن مبارك لم يحسب حساب ذلك.

الأخ الحبيب نصر الدين زميل دراسة منذ الثانوية وصديق عزيز ولكن لا يسمع وإن سمع لا يستوعب وإن استوعب لا يستفيد. تعامل مع الإمام الصادق بحسن نية لا تنفع في معترك السياسة. فالسياسة هي فن الممكن. وهي مصالح وشيلني وأشيلك. لكن التضحية من جانب والكسب لجانب فيه نوع من الإستغفال إن لم نقل الإستحمار. باع نصر الدين إخوته وتابعي الإمام الشهيد والده من أمثال دكتور مادبو وبكري عديل وآخرين واندغم مع الإمام الصادق ولكن عاد بخفي حنين. فقد قرّب الإمام الصادق مبارك أكثر من نصر الدين، وذلك لفوائد مبارك التي لا يقدر نصر الدين على تحقيقها. وعندما شعر الإمام بقوة شوكة مبارك لفظه كما تلفظ النواة وصار بينهما ما صنع الإعلام والإعلام المضاد. وظهرت سوءاتهما التنظيمية وانكشف الكثير من المستور الذي كما يقول المصاروة: (دافننوا سوا).

يقول أهلي في دار فور ردّ الله غربتها: (مرمي الله ولا ترفعي .. كان دُرتي ترفعي .. تسوي ليك خصامة مع ربّك، وفي رواية أخري برميكي معاهو). ألا ترون أن هذا المثل ينطبق على الأخوين الحبيبن مبارك ونصر الدين؟ الأول مشى ساكت (مِدودِو) بلا بوصلة محددة والثاني الدرب دقش ليهو الموية، هذا ما حدث لهما بعد مفارقتهما للإخ الحبيب الإمام. مع العلم أن الإمام لم يتأثر سلباً بفراقهم له وربما إرتاح ذهنياً من الصداع الذي كان يسببه وجودهما حوله. (العوج راي والعديل راي).

كباشي النور الصافي
من فضلك زر قناتي في اليوتيوب وإشترك معنا فيها:


No comments:

Post a Comment