Thursday 5 June 2014

الختام .. مَن يُحاكِم مَن؟

الختام .. مَن يُحاكِم مَن؟

بضربة معلم أو برمية لم يقصد راميها حدث للسودان ما حدث من جراء حكم الإنقاذ. أصاب الضرر الجميع.. دولة .. مواطنين.. لم تعد لدينا دولة بالمعنى المتعارف عليه للدولة. كل الدمار والخراب الذي أصاب الوطن في مقتل تسبب فيه أشخاص موجودون بيننا.. يعيشون كأنهم لم يفعلوا شيئاً ذا بال أو تضرر منه غيرهم. فغيرهم لا يهمهم طالما لم يكونوا منظمين معهم في التنظيم أو إنساقوا وراءهم كإنقياد البعير لقائده من أجل مصلحة شخصية على مرمى حجر.

المحاكمة للمجرم مهما كانت درجته تحتاج لعدة عوامل حتى تكتمل أركان القضية ويثبت الإتهام قضيته ضد المدعى عليه. ويحاول المدعى عليه المقاومة بواسطة المحامين من أمثال الوزير السابق الذي لا يدافع إلا عن الباطل. فالجرائم التي إرتكبتها الإنقاذ عدا الجرائم الشخصية من قتل وسجن وتعذيب هنالك جرائم تدمير السودان. السودان الوطن ليس شئ يمكنه مسكه من اليد لنتعرف عليه ونتحسس الضرر الذي أصابه. لكنه مؤسسات وهيئات وكيانات أصابها دمار شامل بفعل فاعل.

هنالك من سعى لتدمير التعليم بجعل الطلاب يتخرجون أقرب إلى الأميين منه إلى العالمين بما درسوا. عمل تخريباً في المناهج. أهمل تأهيل المعلم وهو أس العملية التعليمية. لم يجهز بل قصد تدمير الجاهز من المعينات التعليمية مثل الفصول والأدوات المدرسية وأدوات الدعم اللوجستي التي تساعد المعلم على إفهام الطلبة مقصده. بكلمة واحدة هنالك من دمّر التعليم وهنالك من ساعدوه إما بالتأييد الواضح أو بالصمت عن قولة الحق في وجه ذلك السلطان الجائر. لم يعملوا بالحديث الشريف الذي يقول: (من راى منكم منكراً فليقومه بيده وإلا فبلسانه وإلا فبقلبه وهو أضعف الإيمان). تركوا الحبل على القارب لحامل معول الهدم ليفعل في التعليم ما فعله نبي الله إبراهيم في أصنام قوم النمرود بن كنعان. هذا المُدمِّر للتعليم حر طليق يمشي بيننا الآن وأخشى أن يمشي ذات يوم بحرية بعد زوال الإنقاذ.

التدمير الثاني الذي لحق بالوطن وبالتالي المواطن هو الصحة والعلاج. بجرة قلم إنعدمت الصحة. والصحة هي الوقاية التي قيل عنها: درهم وقاية ولا قنطار علاج. فبانعدام الصحة الوقائية أصي العلاج في مقتل. موجود ذلك العبقري الذي مسح الخدمات الصحية والطبية بجرة قلم ليترك للمواطن تدبير أمر علاج نفسه بنفسه. فالدولة مشغولة بحرب جهادية لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى. ومن جراء هذا القرار أو التصرف الأرعن تفشت الأمراض البسيطة التي ما كنت ستنتشر لو وجدت المقاوم الصحية الصحيحة مثل الملاريا والبلهارسيا والتايفويد. ولكن لغياب مقاومتها ومكافحة الآفات التي تتسبب فيها وجدت الجو المناسب فباضت وأفرخت وقتلت الكثير ممن لا يملكون حق العلاج لأن العلاج هو الآخر أصيب في مقتل وصار على المريض توفير الدواء بطريقته فالدولة ليست مستعدة لتحمُّل نفقات علاج مواطنيها، ربما لأنها لا تحتاجهم .. والله أعلم.

هنالك من قام دون ان يطرف له جفن ببيع كل المعينات أو الدعم اللوجستي لمشروع الجزيرة – سيظهر هذا بالتفصيل الممل في مقال قادم – ثم جلس على تلّة خراب مشروع الجزيرة يضحك كما فعل نيرون عندما أحرق روما. ماذا يريد المزارعون أن يفعلوا بالسيد فلان الفلاني الذي خرّب مشروع الجزيرة وألحقه بامات طه كما يقول صديقي بروف البوني؟ نقترح أن يقام له نصب تذكاري أو تمثال يكتب تحته بماء الذهب: هذا هو السيد فلان الفلاني الذي دمّر مشروع الجزيرة وأتى بما لم يأت به الأوائل!!

هذا المدمراتي الأكبر هو نفسه الذي تولى أمر السكة الحديد. لم يفعل بها مثل ما فعل بمشروع الجزيرة، لكنه قام بفحص السكة الحديد وعرف علّتها ومرضها بعد تشخيص دقيق ثم أمر لها بالدواء الذي يزيد من مضاعفات المرض لتموت ميتة طبيعية لا يد لإنسان فيها وبهذا يكون قد خرج من اللوم كما تخرج الشعرة من العجين! جفف منابع السكة الحديد التي تدر دخلاً عليها. إنتهزوا المقاطعة الأمريكية وجعلوه قميص عثمان يعلقون عليه كل فشلهم ومقاصدهم السيئة. فماذا أنتم فاعلون بهذا اللامواطن عندما يصير لكم الأمر؟

وماذا أنتم فاعلون لذلك العبقري الذي باع النقل النهري والنقل الميكانيكي والمخازن والمهمات؟ كيف يُحاكم ومن يحاكمه ولماذا يحاكمونه؟ ما هي العقوبة التي تشفي غليل آلاف الأسر التي ضاع مستقبلها بجرة قلم من آثم لا يرعى في خلق الله إلّا ولا ذِمّة؟ عندما تعرفون لنا صِرفة لمجرمي الوطن هؤلاء، سنفيدكم ببقية المدمرين العالميين لكل من سودانير وسودانلاين ووزارة الأشغال والمواني البحرية .. ومن ثمّ الذي فصل الجنوب بجرّة قلم رصاص؟! (العوج راي والعديل راي)

كباشي النور الصافي
قناتي في اليوتيوب:

No comments:

Post a Comment