Sunday 22 February 2015

الحكم .. كونفدرالي .. فيدرالي .. مركزي!



الحكم .. كونفدرالي .. فيدرالي .. مركزي!

تعريفات: الاتحاد الكنفدرالي (أو الكونفدرالي) هو رابطة أعضاؤها دول مستقلة ذات سيادة والتي تفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا وإلا أصبح شكلا آخرا يسمى بالفدرالية.
الفيدرالية: الاتحادية أو الفدرالية (أو الفيدرالية) شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية او اتحادية) وووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
الحكم الفدرالي واسع الانتشار عالميا، وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي. وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفدرالي على المستوى العربي هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية.
الحكم المركزي: هو ادارة الدولة  بجميع نواحيها من خلال حكومة مركزية  وينوب عنه هذه الحكومة حكام إداريين  ينفذون توجهاتها في كل  الأمور التعليمية والصحية والأمن وغيره.
من خلال التعريفات الواردة أعلاه تأكد لنا أننا لسنا دولة كونفدرالية بسهولة ويسر. ولكننا نطلق على حكمنا حكماً إتحادياً أو فيدرالياً ولا أظن هذا التوصيف ينطبق على حكمنا الذي هو أشبه بحكم أم تكو. وبما أننا نقول بنظام حكم ونعمل وفق هوى نفس الحاكم أو المسيطرين على الأمر معه فإننا نرى أن نقول بصوت جهموري أفضل لنا ترك الدغمسة والعمل بالحكم المركزي.
كدولة جربنا الحكم المركزي كل سنين الإستعمار وحتى قيام حكم النميري حيث السودان آنذاك به 9 مديريات بما فيها الجنوب بالطبع. وكان يدير كل مديرية مدير مديرية ومعه مجموعة من الضباط التنفيذيين من الخدمة المدنية لا علاقة لهم بالسياسة. جلب نميري من الأضرار ما جلب للسودان. فبعد تصفيته للإدارة الأهلية والتي لم يجد لها بديلاً قام بسن الحكم الإتحادي بمعاونة بروفيسور جعفر محمد علي بخيت. منذ ذلك اليوم الأسود لم يذق السودان الاستقرار الإداري.
إن إدارة السودان إتحادياً في الزمن المضى بكل ما فيه من صعوبة المواصلات وانعدام وسائل الاتصال الحديثة مثل اليوم كان العمل الإداري يجري على قدم وساق وبدون مشاكل. كانت التكلفة على الفصل الأول في جانبه الإداري تكاد تعادل صفراً مقارنة بمردود العمل الإداري. سنقدم مثالاً عملياً لتوضيح الفرق في الصرف بين النظام الإتحادي القديم وما هو جار الآن. ولتحقيق الغرض دعوني أضرب مثلاً بمديرية كردفان ، لأنني من هناك وأعرف تضاريس المنطقة وتقسيماتها الإدارية بشئ من التفصيل.
تتكون مديرية كردفان من 8 مجالس ريفية وبلديتين هي: مجلس ريفي البديرية.. مجلس ريفي دار حامد.. مجلس ريفي حمر.. مجلس ريفي المسيرية.. مجلس ريفي الكبابيش .. مجلس ريفي شمال الجبال الدلنج .. مجلس ريفي جنوب الجبال ..مجلس ريفي تقلي. بلدية الأبيض وبلدية النهود. يدير المديرية المدير في الأبيض ويعاونه ضباط تنفيذيون على راس كل مجلس ريفي وبلدية أي 10 ضباط تنفيذيين غير مسيسين. يعاون الضابط التنفيذي عدد لا يتجاوز الضابطين الإداريين في كل مجلس ريفي ومعهم محاسب صراف يقوم بالإشراف على الوارد والمنصرف من دخل المجلس الريفي أو البلدية.
لنكون دقيقين دعوني أتحدث عن مجلس ريفي تقلي وهي منطقتي. كانت رئاسة المجلس في مدينة رشاد. وكان هنالك ضابط مجلس واحد في مدينة تلودي لبعدها من رشاد. وكان هنالك 7 محاسبي صيارفة في كل مدن المجلس وهي: العباسية تقلي.. رشاد .. أم برامبيطة .. أبو جبيهة .. كلوقي .. تلودي .. الليري. وبالطبع مع كل محاسب صراف ناظر القبيلة ليساعد في حفظ الأمن. كل موظفي المجلس لا يتعدى ال20 موظفاً بما فيهم الكتبة وربما السعاة.
كان يشرف على البوليس ملاحظ شرطة ربما نقيب الآن والله أعلم في المركز ويتبع له كل الصولات والشاويشية الذين يديرون مراكز ونقاط الشرطة في المدن المذكورة أعلاه ماعدا تلودي كما ذكرت سابقاً. يمتلك الضابط التنفيذي عربة رينجر واحدة يجوب بها المجلس من أقصاه إلى أدناه مرة كل اسبوعين للعمل على حل كل المشاكل التي تعترض المواطنين. يدير الضابط التنفيذي كل العمالة في المجلس من عمالة صحية وطبية وحراسات لحفائر المياه وآبارها. وكذلك يتبع له ضابط التعليم الذي يشرف على كل المدارس الأولية، الإبتدائية لاحقاً- وكان الإشراف على المدارس الوسطى لكل كردفان يتم من مكتب تعليم الأبيض. كانت الأعمال تسير كما الساعة السويسرية.
وجاءنا الحكم الفيدرالي بخيله وخيلائه وصار مجلس ريفي تقلي 8 محليات في كل محلية معتمد ومدير تنفيذي ومجموعة من ضباط الوحدات الإدارية وموظفو تحصيل وموظفو محلية بمركزها. فكم يا ترى مجموع مرتبات هذا الجيش العرمرم مقارنة بمرتب الضابط التنفيذي وضباطه الإثنين؟ كم تصرف عربة الضابط التنفيذي من الوقود شهرياً مقارنة بعربات جيش المحلية الممتد من المعتمد وحتى عربات المحصلين ومكافحة التهريب؟ لتحصل على منصرفات الولاية الآن أضرب ما ستحصل عليه من النفقات في كل محلية في عدد المحليات! وبعدها شوف كم هو دخل الولاية فإن تبقى شئ فطالب الحكومة بالخدمات!
هل ما حدث هو تقصير للظل الإداري أم تبديد للمال العام في ما لاينفع العباد والبلاد؟ لذا نرى أن نظام الحكم المركزي أفضل ألف مرة من أي نظام آخر قائم أو سيستحدث مستقبلاً. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
زر قناتي في اليوتيوب من فضلك واشترك فيها

No comments:

Post a Comment