Wednesday 18 February 2015

الجيعان ما بداوس ..



الجيعان ما بداوس ..

الحال في السودان لا يحتاج لكتابة منشور كما تقول الطرفة القديمة. وقد كتب صديقي أحمد في صفحته التالي: "النظام مستبد وسادر في غيِّه.. المرارات تكثر يومياً .. والغلُّ يتنامي على مدار الساعة.. والسلاح متوفر ويزيد .. والنتيجة حتمية". هذه بدهيات الحالة التي يعيشها الوطن الآن ولكن! هل سيقود هذا الحال لحرب لا تبقي ولا تذر وتلد صومالاً آخراً في السودان؟ الإجابة نعم حسب المعطيات ولكنها لا كبيرة حسب الواقع. المتضررون كثيرون ولكن بدرجات متفاوتة. والكل في السودان يحسب حسابات كثيرة غير متوفرة في بيئة صومالية أو غيرها.
يقولون في الأثر: "الغني ما بدور الموت" وهذه حقيقة بدهية. فلا سبب يجعل الغني أو المرطب  بلغة الشباب يتمنى الموت. ولهذا فهو يعمل ألف حساب قبل الدخول في معركة قد تؤدي إلى موته. وعليه من هذا الجانب إذا برز للغني من يتمنى الموت ويريده ليريحه من عناء الدنيا وشظف العيش فسيتراجع الغني خوفاً على حياته لأنه يعلم أن الطرف الآخر لا حياة له ليحافظ عليها. ولهذا لا نتوقع مقاومة تذكر إذا تمايزت الصفوف وبرز الفقراء للموت الذي هم فيه عائشون بمسمى الحياة. مما يعني أن النصر سيكون حليف من يريدون الموت تطبيقا للمقولة المشهورة:(احرصوا على الموت تُوهبُ لكم الحياة).
في الجانب الآخر هل للفقراء الجوعي قدرة على القتال؟ وقديماً قيل: "الجيعان ما بداوس". ليست المسألة عنتريات ولكنها حقائق. فالجيعان لا قدرة له على الصمود في وجه مهاجمه وهو جوعان. ولهذا فالحاصل في الوطن الآن ويجري فيه هو حال الشعب الجيعان الذي يتناول ما بين وجبة ووجبتين على أحسن الفروض. قد يقول قائل أن هذا في حد ذاته حافز للقتال أو الموت دون تحقيق الهدف الذي يرمي إليه الجميع.
قد يصمد المقاتل الجوعان يوماً أو يومين ولكنه بالطبع لن يصمد شهراً ونجاح الثورة المصرية لم يأت من فراغ بل لأن هنالك قوة منظمة كانت تقف خلف المتظاهرين. كان توزع عليهم السندوتشات وزجاجات الماء البارد على مدار الساعة. كانت هنالك فرق طبية متكاملة تسعف المصاب قبل أن يصل المستشفى ولهذا تحركت الجماهير الشعبية وهي مسنودة بدعم لوجستي لا يتوفر في السودان الآن وقد يتسبب ذلك في فشل التحرك وتكون العواقب وخيمة أكثر مما يتصور البعض.
سؤال يطرأ على الذهن: هل تنفيذ الأوامر للعساكر بضرب المتظاهرين واجب  شرعي عليهم القيام به؟ هؤلاء الجنود هم من عامة الشعب ومكتوون بنار الغلاء وشظف العيش مثلهم مثل بقية أفراد الشعب فلماذا لا يثورون هم أنفسهم ويمتنعون عن تنفيذ الأوامر؟ هذا بالضبط هو عمل القيادات العسكرية التي تتولى الأمر في الميدان. فلو لم تكن هنالك قوة من الضباط ذوي النخوة والشجاعة يقفون دون تنفيذ الأوامر فنجاح التحرك مشكوك فيه. فالسلاح وحده لا يقاتل يا صديقي أحمد. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
زر قناتي في اليوتيوب من فضلك واشترك فيها

No comments:

Post a Comment