Monday 28 March 2016

لماذا أبو جبيهة؟

لماذا أبو جبيهة؟

عزيزي القارئ أرجو ألا تمِل كتاباتي عن مدينتي التي أحببت والتي اعطتني الكثير بلا منِّ ولا أذى. بل اعطت مديرية كردفان ما فوق طاقة مدينة أو محلية أو مجلس شعبي كما في عهد النميري. لظهور بعض الإشكاليات الصغيرة والتي نخشى أن تتطوّر إلى لهيب مشاكل نحن لا نحتاجها فأعظم النار من مستصغر الشرر. رأيت أن أكتب عن تاريخ أبو جبيهة الذي عايشت .. الرجال الذين عرفتهم .. وما قدموه لوجه الله فإن  أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر الإجتهاد. كان يتسابقون نحو فعل الخير دون توجيه من أحد. كان كل الناس عندهم سواسية. ففي أي منزل عزاء تجد الجميع جلوس على الأرض يتناولون الطعام مع الأسرة التي فقدت أحد أفرادها.

كان هنالك النادي الثقافي الإجتماعي الذي يضم عمي المرحوم عثمان حتيلة .. وأنا .. شوفوا أنا دي حلوة كيف؟ في كرسي واحد أجلس أمام كبار رجال المدينة يسألوننا عن دراستنا وماذا فعلنا وكيف نسير؟ وكان عمنا البدري الزين يحثنا على الحضور للنادي كل يوم ونحن تلاميذ في الثانوية وقد تمّ اعفاءنا من رسوم العضوية.

كان عمي المرحوم خليل حتيلة يقدم لي مصاريف العام الدراسي كاملة دون أن يلتفت. كنا نُمنح تصاريح السفر باللواري والقطارات. نقدم له تصريح السفر باللوري يصرف قيمة التصريح من المجلس (عمنا حاج خالد) ويدفعها لي مباشرة كمصاريف، وفوق ذاك يُركبني في إحدى اللواري السفرية مجاناً حتى أم درمان وكمان الأكل والشراب على صاحب أو سائق اللوري. ويقول للسواق بوضوح: (دا ود أخوي ماشي المدرسة شيلو معاك وعليك أكله وشرابه حتى يصل.. كان ما عملت كدا تاني ما تجيني هنا تقول عاوز شحنة للخرطوم). وهو ما يصير الضبط. مقعد أمامي وأكل وشراب حتى أم درمان ومعاها 8 جنيهات.. يعني زي 8 آلاف جنيه الآن.

أما السفر إلى الرهد أو أبو نوارة وعد الدم وجديد قرانا التي بها الزراعة والماشية فنركب اللواري مجاناً ذهاب وإياب.. ذات مرة كنت مسافر الرهد ركبت تيمس عمنا عثمان حتيلة عليه الرحمة.. لم يكن الكومسنجي يعرفني.. طلب مني 50 قرش.. في نفس اللحظة جاء أخي عابدين.. رآني أعطيت الرجل ال50 قرش .. سأله دي شنو؟ قال له الكومسنجي: مسافر معاكم الرهد. قال للكومسنجي: إنت ما بتعرف دا منو؟ دا ود خالي.. رجِّع ليهو قروشو واحجز ليهو المقعد الأمامي!!

سأحكي مستقبلاً عن لماذا سُمِي المرحوم عابدين أبو زلازل بأب قليقة؟ وسأحكي عن عمنا متعه الله بالصحة والعافية عثمان الفكي يوم كشح الحلة في وجه سواق آخر لن نورد اسمه ولكن الناس العواجيز – متلي كي- يعرفونه حق المعرفة. والذكريات تطول وتكثر فشيلوا الصبر. (العوج راي والعديل راي).

كباشي النور الصافي
زر مدونتي  من فضلك واشترك فيها

http://kabbashielsafi.blogspot.co.uk

No comments:

Post a Comment