Saturday 20 August 2016

كفاءات سودانية مغمورة

كفاءات سودانية مغمورة

كنا نعمل في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى – بالله عليكم مش اسم عظمة برضو؟ في ثمانيات القرن الماضي. قابلت حالتين تتحدثان عن خبرات سودانية لا يعرفها الناس ولكنها تُؤكِّد أن (الزول) السوداني لو وجد الجو المناسب مما جميعه لأبدع وفاق التّصوُّر والخيال.

تعطّل التكييف المركزي في البنك العربي الليبي الخارجي في شارع أول سبتمبر في طرابلس. التكييف صناعة أمريكية. نسيت اسم الشركة المُصنِّعة ولكن مقرها في ديترويت. وصل مهندسون أميركان لصيانة التكييف وفشلوا في ذلك. أحد السودانيين العاملين بالبنك أفاد الإدارة أن هنالك مهندسين سودانيين يمكنهما صيانة التكييف. تمّ استداءهما وقام بفحص الأجهزة وقررا أنهما من الممكن إصلاح العطب ولكن بشرط ألا يحضر معهما المهندسين الاميركان وأن يكون ذلك يوم الجمعة.

أحضرت إدارة البنك شرطيين لحراستهما وقاما بالصيانة اللازمة وتناولا معنا طعام الغداء لأن شقتنا كانت مقابل البنك. لم يصدِّق الإميركان أن تتم الصيانة خلال يوم واحد. لا توجد سفارة أمريكية في طرابلس تلك السنين. لكن أخذ المهندسون الأميركان صوراً من جوازات المهندسين السودانيين وجاءونا بعد 3 أشهر لوداعنا لأنهما حصلا على القرين كارد وسيغادران خلال أيام إلى ديترويت. هذه الأولى.

أما الثانية: صديقي الأخ أحمد عبد الله ميكانيكي بارع في ماكينات الديزل وصيانتها. كان يعمل مع إحدى شركات التعاقدات مع شركة البترول التي كنت أعمل بها. تعطلت إحدى سيارات الصيانة الرئيسية التي تتبع للشركة المتعاقدة على الصيانة. (صدِّقوا إيجار تلك السيارة اليومي ألف دولار في اليوم في العام 1980.) ما كان من الممكن صيانتها في ليبيا ولا حل سوى شحنها إلى إميركا للصيانة.

تقدم أحمد عبد الله ووعد مدير الحقل في الشركة أنه سيقوم بصيانتها وسيحصل على قطع الغيار اللازمة من طرابلس. في نهاية الأمر قام أحمد بصيانة السيارة الورشة خلال 48 ساعة. وكان الأمريكاني بين مصدِّق ومُكذِّب حتى دارت الماكينة أمام عينه.


قام بتحويل المهندس أحمد من كشف الذين يقبضون مرتباتهم بالدينار الليبي إلى كشف الدولار الأميركي. سلمه سيارة دفع رباعي بها راديو وطلب منه البقاء في منزله مع أولاده بطرابلس على أن يتصل بالشركة بالراديو في الصباح والظهر والمساء إذا احتاجوه في مهمة. ألم يقل المثل: (لا كرامة لنبي في قومه وأضيف عليها خاصة لو كان سوداني). (العوج راي والعديل راي).

No comments:

Post a Comment