Friday 9 January 2015

إلى وزير التّلتلة والتّأليم



إلى وزير التّلتلة والتّأليم

على زمن المرحوم زيادة أرباب كانت الوزارة اسمها وزارة المعارف. وكان كل من دخل مدارسها يتخرج بشئ من المعرفة ويتعلّم علماً نافعاً. كان خريج المدرسة الأولية يكتب الخطاب ويقرأه ويفهم في النحو وجدول الضرب والجغرافيا والتاريخ ويحفظ في القرآن الكريم حتى سورة الملك. أما خريج المدرسة الوسطى فيتقدم في مجال العمل الطبي حتى يصير مساعد طبيب على جميع التخصصات حسب رغبة الدارس. كان خريج الوسطى يكتب رسالة بالإنجليزي وموضوع إنشاء بالإنجليزي .. هل يعرف خريجو الجامعات ال35 ما هو الاسم المقابل لكلمة إنشاء العربية في اللغة الإنجليزية؟
كثيرون تخرجوا في جامعات إبراهيم أحمد عمر ال35 ولا يعرفون الفرق بين إنشاء وإن شاء. ودونكم كتابات الكثيرين في المنابر والفيسبوك. خريجو المدارس الثانوية آنذاك يعملون في البنوك وأكثر مدراء البنوك في السودان خبرة وعطاء من خريجي المدارس الثانوية وعلموا وطوروا أنفسهم بأنفسهم وكان العمل كله باللغة الإنجليزية على أيام بنك باركليز DCO. فهل يحفظ خريجي ثانوية اليوم جدول الضرب؟
سقت هذه المقدمة أو الرمية على قول استاذي البوني مستنداً على قرار وزير التلتلة والتأليم الخرطومي الذي يطالب بل يأمر مدراء المدارس أن يغلقوا الشبابيك والأبواب على التلاميذ خيفة البرد! القرار قرار عديل ولكن كيف يصدر من الوزير الذي لو زار المدارس التي يتحدث عنها لرأى العجب العجاب. تلاميذ وتلميذات يدرسون وهم جلوس على الأرض يذكرونني بأيام دراستنا في روضة المساكين! هل تعرفون روضة المساكين؟ نعم تخرجنا في روضة المساكين ولكن بدون زفة. روضة المساكين هي الخلوة التي تخرجنا فيها وقد حفظنا ربع ياسين ومتن الأجرومية ومتن العشماوية وألفية ابن مالك. درسنا فيها البلاغة والطباق والجناس والنعت والتورية. رحم الله عمي الشيخ أحمد محمد خير فقد تعلمنا اللغة العربية على يده على أصولها.
نرجو بل نتمنى على السيد الوزير أن يخرج لزيارة المدارس في  أي محلية في غرب أم درمان أو شرق مدينة بحري حتى يشرح للمدرسين هنالك كيف يغلقون الأبواب والشبابيك خوفاً على التلاميذ من البرد القارص. عندها سيعلم الوزير أن إغلاق الشبابيك غير ذي جدوى ولا فائدة لأنه لا توجد فصول من أصله حتى يتم إغلاق شبابيكها وأبوابها. وكذلك ليعلم الظروف القاسية التي يكابدها المعلمون ويخلقون من فسيخ الوزارة شربات للتلاميذ باذلين طاقة لا يتحمل بذلها الفيل ولكنها عزة النفوس والإيمان بالرسالة التي على عاتقهم.
من هنا أحيّ كل المعلمين في الوطن الشاسع الفضل ولهم وقفة عز وإجلال لما يبذلونه من جهد لتعليم أبنائنا لغد أفضل ونتمنى أن تهتم بهم الحكومة عامة والوزارة خاصة لأن الأوطان تُبنى بالتعليم وليس غيره وخير مثال دولة ماليزيا قدوة الإنقاذ. فتوفير الجو المناسب للمعلم والطالب هو من اساسيات العملية التربوية والتعليمية. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
زر قناتي في اليوتيوب من فضلك واشترك فيها

No comments:

Post a Comment