Monday 30 March 2015

هل الكرم مدعاة للفقر؟



هل الكرم مدعاة للفقر؟

يتحدثون عن كرم حاتم الطائي فالرجل كريم في زمانه دون شك ولكن غياب الإعلام الناشر للفضائل والفضائح آنذاك لم يسمح للناس بأن يسمعوا بكل كرماء العرب في ذلك الزمان. ولكن في سوداننا الجميل هناك حواتم كُثّر بلا شك. يدفعون بيمينهم ولا تعلم شمالهم. الحديث يجرني نحو كوستي مدينة أحببتها لأن أحببت فيها أناس عزيزين رحم الله منهم من توفاه وأطال عمر الأحياء منهم ومنهن ومتعهم بالصحة والعافية.
للذين يعرفون كوستي يتبادر إلى أذهانهم حال ذكرها أحمد كوكو .. حسن جميل .. أحمد عبد القادر وعوض الحاج من الله. عليهم الرحمة جميعاً. عن أحمد كوكو قيلت العبارة المشهور: (كوستي بلد وأحمد كوكو ولد). هل يحتاج الأمر لشرح؟ لا أظن ذلك. حسن جميل عنه حُكيت الطُرف والمِلح الحسنة الذكر.. ولكن خلطها الفاسدون ببعض الشمارات لأن الرجل كان أنصارياً صميماً يدفع تكاليف دائرة كوستي الإنتخابية من حر ماله. معرفتي بالمرحوم أحمد عبد القادر وسلفه قليلة ولكن لم اسمع عنه إلا كل طيب.
عاصرت عمي المرحوم عوض الحاج من الله منذ العام 1965 بعد ثورة أكتوبر المجيدة. كان هو نائب دائرة كوستي وكان عمي المرحوم عبد المنعم الصافي نائب دائرة أبو جبيهة. خرجت من ملاحظتي ومراقبتي لعمي عوض الحاج بمفادة أن الكرم لا يفقر أحداً. لو كان الكرم وإطعام الطعام للمساكين والفقراء يجلب الفقر لاحتاج عوض الحاج أن يمد يده سائلاً حسنة لله.
يقولون الكرم إمرأة . فمن هي السيدة الجليلة الكريمة بنت الأصول التي تقف وراء كرم عوض الحاج من الله؟ إنها الأميرة مريم حفيدة الأمير محمد عثمان أبو قرجة أمير البرّين والبحرين. الذي قال عنه ود بدر عندما عاكسة بعض أعراب الشرق: (هوي أخير ليكم باكر بجي أب قرجة وبتقيف الهرجة).. محذراً لهم من قوة شكيمة الأمير أبو قرجة ورجاله. ثنائي بهذه المواصفات لن يكون الكرم دخيلاً عليهما بل يكونان هم التربة الصالحة للكرم.
عمي عوض الحاج رجل غني كان يملك عدداً من المشاريع الزراعية وأسهماً كثيرة في مطاحن النيل الأبيض ومع ذلك لا توجد تلاجة ديب فريزر في منزله! ليس بخلاً منه بالمال أو قيمة الثلاجة ولكن حكمته كيف يبيت الأكل في التلاجة وهناك جياع يبيتون القوى كما نقول؟ زرت وسكنت وأقمت في منزلهم أكثر من ألف مرة. تناولت الوجبات الثلاثة طوال وجودي معهم في كوستي وما سأقوله هنا يحيرني قبل أن يحيرك قارئي الكريم: (لم يفرغ إناء طعام في صينية السيدة مريم يوماً ولم يؤت بزيادة طعام من الداخل أبداً ومهما كان عدد الذين يجلسون للطعام يقوم الجميع وقد شبعوا والحمد لله).
بتكرار هذه الحالة سألت غيري فقال لي أن هذه الحالة تحيِّره ولكنه يقول أن يد السيدة مريم فيها بركة لا نعرفها! وأن مال عوض الحاج من الله مزّكي بنسبة 110% ولهذا فطعامهم لا ينضب معينه مهما تكاثرت أيدي الآكلين على قصعتهم. أقتنعت. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
زر قناتي في اليوتيوب من فضلك واشترك فيها

No comments:

Post a Comment