Wednesday 18 November 2015

الجبال الشرقية (4)


الجبال الشرقية (4)

الحديث عن الجبال الشرقية ذو شجون خاصة لمن كابد صبابة تلك المناطق الجميلة طبيعة وسكاناً. تمازج السكان إجتماعياً وصاروا يداً واحدة وقسم الله لكل رزقه قدر جهده وعمله وعرقه. ومن الشخصيات التي لا يعرفها الكثيرون أحد أعمامي واسمه حسن إبراهيم أبو زلازل. كان ذات يوم عليه الرحمة من أغنى إن لم يكن أغنى تجار منطقة الجبال الشرقية .. ولو أردنا الدقة لقلنا من الأبيض مروراً بالرهد وأم روابة لوجدته الأول مالياً.
الرجل ترك سيرة عطرة من خير الأعمال وبنى لكثيرين أمجاداً مالية ما كانوا يحلمون بربعها لولا مساعدته وكرمه الإتلافي.. فالرجل عليه الرحمة كان جيبه (مقدوداً) كما نقول. لا يعرف كلمتي (ما عندي وما بديك). كان الخير وافراً والإنتاج غزيراً والكل في بحبوبة من العيش نتيجة للإنتاج الكبير من المحاصيل بأنواعها الذرة السمسم الفول الصمغ الماشية وبقية المنتجات الغابية والبستانية. لكن ترك عمي المرحوم حسن إبراهيم أبو زلازل رجالاً ولا ككل الرجال. لن أذكر أسماءهم فالكل يعرفهم وهم أعلام على رؤوسها نار كرم وخير.
ضربت المثل بالرجل الكريم لأنه جزء أو ترس في منظومة قامت كثير من الخيرات على أكتافها. كانوا لا يتوانون في تقديم المساعدة لمن يحتاجها رجلاً كان أو امرأة. ومثله كثيرون لن أتعرض لذكر اسمائهم حتى لا أظلم أحدهم بالنسيان. قد يقول بعض الجهلة هؤلاء جلابة.. وهي كلمة فقدت معناها لأن الكثيرين لا يعرفون معناها الأصلي.. ولكني أقول هم أسياد بلد وليسوا عابري سبيل أتت بهم المصلحة وذهبوا عندما ذهبت عنهم المصلحة المادية.
تركوا عقبهم في المنطقة وهؤلاء الأبناء خير سفراء لخير سلف وهم خير الخلف الذي سمعنا عنه ودعونا به. تربينا معهم في مدينة واحدة ودرسنا في مدرسة واحدة هي أبو جبيهة الوسطى أحسن وأفضل ما تركه الإستعمار في المنطقة حتى اليوم مع المستشفى الوحيد الذي كان يخدم 50 ألف مواطن وصار اليوم يخدم المليون نسمة بنفس المساحة والامكانات الأقل. صرنا أشقاء وأبناء عمومة .. لا فرق بيننا إلا نتيجة الإمتحانات وكنا خيول سباق أكاديمي به تقدمنا نحو الدراسات التي أوصلتنا لما نصبو إليه.
سنواصل عن الحال الاقتصادي الذي كان وبكل أسف ولّى ولو استمر بتلك الوتيرة التي عايشناها ونحن في مرحلة الصبا لصارت المنطقة مثل كليفورنيا في أميركا ولكن هدمت حكومات سابقة بيع وصوامع الإنتاج ولم تقصِّر معنا الإنقاذ وأتمت الخياطة بالحرير ودمّرت ما تبقى من عوامل النجاح الاقتصادي. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
زر مدونتي  من فضلك واشترك فيها

http://kabbashielsafi.blogspot.co.uk

No comments:

Post a Comment